للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتدبر عواقب ما عليه القوم وأخذ لنفسه بأحوط الأحوال وأقربها إلى السلامة وجعل عينه متجهة للنظر إلى منازل الراحلين التي لا أنيس بها ولا جليس.

وتأمل سرعة الرحيل وقصر أوقات الإقامة وتجنب الألعاب والملاهي وسلك سبيل المهتدين وإن كان ضيق الحضيرة قاصر النظر ضعيف الهمة ضائع العقل سيء التصور فاقد الفكر خبيث الاستعداد لئيم الطبع لا يجد بدًا من منازعة اللاعبين ومسابقة اللاهين وتغافل عن عاقبة أمره وسوء مصيره وتباعد عن صياح الناصحين وأصغى إلى مداهنة الغاوين أصبح من النادمين.

وما ضربنا لك هذا المثل إلا لتعلم أنك أنت الغريب الذي نزلت يوم ولدتك أمك بقومك وأنت ضعيف القوى لا تعلم شيئًا كما قال تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨] . ففرح بك قومك وأكرموك إلى أن قويت آلات أعمالك وصرت تحسن الرحيل وحدك.

ونريد بالرحيل هنا سلوك إحدى الطريقين إما طريق الكمالات وإما طريق النقائص لأنهما مسارب المكلفين الذين لا بد لهم من السير فيها للوصول إلى أحد الغايتين فإنه ما من طريق إلا ولها غاية ينتهي إليها مسير سالكها.

وما نريد بالرجل العاقل المرشد إلا صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام أو النائب عنه في تبليغها وما نريد بمن يناديك من الأمام إلا السلف الصالح الذين سبقونا بالإيمان وبينوا لنا طريق النجاة أو الأتقياء المقتفون لآثارهم الذين ثبتت استقامتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>