إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، أوجبه وجعله طاعة له سبحانه وقربه إليه، طاعة مؤكدة معروفة يجب الإتيان بها في العسر واليسر، والمنشط والمكره والاستبداد، إلا إذا أمر الإنسان بمعصية الله، أو فوق المستطاع، فلا سمع ولا طاعة إذًا لمخلوق في معصية الخالق، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» ، وإن شيئًا –يا عباد الله- أمر الله به ورتب عليه سبحانه مصلحة عظمى في الدنيا، وأجرًا مضاعفًا في الآخرة، لجدير بأن يكون موضع رعاية المؤمن واهتمامه.
فاتقوا الله – أيها المسلمون – وتقربوا إلى الله بما أمركم به من طاعة ولاة الأمور، ومن الدعاء لهم، والتعاون معهم، والصبر عليهم، ما أطاعوا الله ورسوله وأقاموا شعائر دينه، فما نزعت يد من طاعة إلا صافحها الشيطان وعرضها لفتنة عمياء، وحوت جاهلية جهلاء، والعاقل يدرك خطورة عصيان الأئمة الشرعيين، وما تأتي به منازعتهم أو الخروج عليهم من شر، وما يترتب على ذلك من مفاسد عظمى لا يعلم مداها – على الحقيقة- إلا الله سبحانه، وتفاديًا لهذا الشر، ودرءًا له عن الأمة الإسلامية، قال هادي البشرية عليه الصلاة والسلام:«من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، فميتته جاهلية» وقال: «اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» . وروي البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال:"بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله". قال –يعني رسول الله- «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» .