للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباد الله لقد أوجدنا الله تبارك وتعالى في هذه الدنيا من عدم وأسدى إلينا تعالى فيها ألوانًا شتى من أنواع النعم وأبلغنا فيها بأوامر وزواجر، وأخبرنا أننا سنموت بعد الميتة التي كتبها تعالى علينا ثم سيحيينا بعد حياة البعث والنشور والجزاء والحساب والثواب والعقاب على ما كان لتلكم الأوامر والنواهي من أصداء وآثار في نفوسنا وواقع حياتنا {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: ٢] .

ولقد أنذرنا بذلكم، أنذر الزمان ووعظتنا به من قبل مواعظ القرآن التي كثيرًا ما تقرع أسماعنا قرعًا والتي لو أنزلت على جبل لرأيتموه خاشعًا متصدعًا يقول سبحانه: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ *} [القارعة: ١-١١] . ويقول: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: ٣] . فهل من مذكر أيها الأخوة فلقد جاءنا – وايم الله- من الأنباء ما فيه مزدجر، جاءنا ما ينذر بتصرم الأيام وتقصم الأعمار قيد المنون كما تشاهدون مرسلة آناء الليل وآناء النهار –جاءنا ما ينذر ويذكر بنهاية كل منا، ورجوعه إلى الله ومساءلة الله له عما ولاه فيه مهما طال عمره أو كان أمره {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: ٥٧] ، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} [الصافات: ٢٦] . ولا عجب أيها الأخوة، فلكم

<<  <  ج: ص:  >  >>