للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهدت الدنيا كثيرًا وكثيرًا ممن عمروها أكثر مما عمرناها نحن من كانوا فيها أعزة أقوياء أغنياء قادرين على كثير مما يشاءون من إصلاح وأمر ونهي فتعجلتهم أحداثها قبل ذلك، أو طوتهم المنون فحيل بينهم وبين ما يشتهون لا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون وأصبحوا مرتهنين ينتظرون وضع الموازين من لدن أحكم الحاكمين وأعدل العادلين الذي لا يظلم مثقال ذرة {وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: ٤٠] . والذي يقول وقوله الحق: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧] .

وكم شهدنا نحن وفقدنا من أقران كانوا بالأمس معنا زينة المجالس وبهجة القلوب وأنس النفوس، يذكروننا بالله وأيامه قد ضمتهم اللحود وخلت منهم ثغر الإصلاح ومواطن الدعوة ومواقع الركوع والسجود، ولو نطقوا لقالوا إخواننا تزودوا فإن خير الزاد التقوى فنحن سلفكم وأنتم في الأثر ولقد جاءكم من الأنباء ما فيه مزدجر.

فاتقوا الله –عباد الله- وتذكروا يوم النقلة والرجوع إلى الله وماذا ستقدمون عليه به، يوم أن تودعوا الثرى ويتخلى عنكم الأهل والأصدقاء يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون، يوم يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي تذكروا ذلكم دائمًا تذكر من يريد إصلاح ما به من فساد، والاستزادة كثيرًا مما هو فيه من خير وبر وهدى ورشاد. وخذوا من قوتكم وعزكم لضعفكم وذلكم خذوا من سعتكم وغناكم لضيقكم وفقركم خذوا من عافيتكم وحياتكم لبلائكم

<<  <  ج: ص:  >  >>