وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وحبيبه وخليله أفضل من تطوع وقال وأشرف من خص بأشرف مقامات الإرسال أرسله والكفر قد اشتد فزال وظلام الضلال متراكم فانجال فأضحت به الحقيقة مشرقة لا لبس فيها ولا إشكال، اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل الذين اعتدل بهم قوام هذا الدين أتم اعتدال صلاة وسلامًا يبلغانهم من ربهم نهاية الآمال.
أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى فإن تقواه عليها المعول وعليكم بما كان عليه السلف الصالح والصدر الأول واشكروه على ما أولاكم من الإنعام والإحسان وخول وصرف عنكم المكروه وزول وتهيئوا للرحيل فقد شدت لكم الرحال.
واجتهدوا في أسباب التحويل قبل أن يدهمكم يوم الارتحال وازهدوا في هذه الدنيا فمتاعها قليل ووعدها غرور ومآلها إلى الزوال واعلموا أنكم لم تخلقوا لجمع المال ولا لعمران دار الفناء والتطاول في الآمال.
وإنما خلقكم الله لتعبدوه وركب فيكم العقول لتوحدوه وأنزل عليكم القرآن لتتبعوه وأرسل إليكم الرسول لتطيعوه فانهضوا لما خلقكم الله له واعملوا صالحًا فسيجزي كل عامل ما عمله.
واعلموا أن مع كل شباب هرمًا ومع كل صحة سقمًا ومع كل حياة موتًا فخذوا من شبابكم لهرمكم ومن صحتكم لسقمكم ومن وجودكم لعدمكم قبل أن تقطع عنكم الأسباب ويختم على ما فيها من حسن أو قبيح الكتاب ويصبح عامر الدنيا منكم وهو خراب وتستبدلوا بمشيد البنيان حفرًا مظلمة تحت التراب.