فيا حسرة المفرط بنفسه صاحب الشيبة البيضاء والصحيفة السوداء والبصيرة العمياء عن الهدى ويا ندامته يوم اللقاء على اتباعه الهوى وإعراضه عن الهدى ويا خسارته حين غفل ولهى عن مجالس الأذكار ومباحثة العلماء.
يا قوم اعتبروا بمن قبلكم واقبلوا نصائح الفصحاء قبل أن يصبح أحدكم منبوذًا في أرض بيداء جسمه الناعم قد كان طُعمًا للدود والبلاء وماله قسمًا بين الورثة والأقرباء ينفقونه على ما تهوى أنفسهم وترى وصاحبه المسكين مطلوب بالحساب والجزاء بعيد عن الأصحاب والأولاد وحيد فريد قد لهى عن الأهل والأقرباء في قبر موحش مظلم ضيق الأرجاء.
إلى يوم يشفق فيه حتى الأولياء والملائكة والأنبياء يوم الحساب والقصاص بالاعتدال لا بالاعتداء يوم يقتص للجماء من القرناء ويؤخذ للآباء من الأبناء وللأبناء من الآباء بين يدي ديان الأرض والسماء يوم الجزاء بأعمال القلوب والجوارح لا بالأموال ولا بالأولاد ولا بالأسماء.
فيا أهل الغفلة أفيقوا بالله من سنة الإغفاء وطهروا القلوب من دنس الأهواء فإن القلب المدنس بالذنوب يعد من داء القلب لأعظم الداء وصلاح القلب هو الأصل الذي تثبت عليه قواعد البناء.
كيف تصلح للعالم معرفته وهو يعمل أعمال الجهلاء كيف تصلح للعابد عبادته وهو يرتدي برداء الرياء والكبرياء كيف تصلح للفتى حريته وهو لا يغضب لله بل يغضب ويرضى لأجل البيضاء والصفراء فهذا بأخبث المنازل لتقديمه الهوى على الهدى كيف تصلح للفقير سلامته وهو لا يصبر ولا يسلم