فاتقوا الله عباد الله في السر والعلن، وتوبوا إليه واستغفروه، وحاذروا غضبه ولا تعصوه، فالمعاصي تمحق بركة العمر وبركة الزرق والعلم والطاعة، وبالجملة تمحق بركة الدين والدنيا فلا تجدون أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصى الله تعالى، وما مُحقت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق، قال الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}[الأعراف: ٩٦] . وقال تعالى:{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً}[الجن: ١٧] .
وفي الحديث:«إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها» .
فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإنه ما ينال ما عند الله تعالى إلا بطاعته، وليست سعة الرزق والعمل بكثرته، ولا طولُ العمر بكثرة الشهور والأعوام، ولكن سعة الرزق والعمر بالبركة فيهما، ومعلوم أن عمر العبد هو مدة حياته، ولا حياة لمن أعرض عن الله واشتغل بغير ذكره، بل حياة البهائم خير من حياته، فإن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه، ولا حياة لقلبه إلا بمعرفة فاطره ومحبته وذكره وعبادته وحده والإنابة إليه والطمأنينة بطاعته والأنس بقربه، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله، ولو تعوض عنها بما تعوض بل ليست الدنيا بأجمعها عوضًا عن هذه الحياة، فمن كل شيء يفوت العبد عوض، وإذا فاته الله -عز وجل- لم يعوض عنه شيء ألبتة، وإنما كانت معصية الله سببًا لمحق بركة الرزق والعمر، لأن الشيطان وكل بها وبأصحابها، وكل شيء يتصل به الشيطان ويقارنه فبركته ممحوقة، ولهذا شرع اسم الله