أيها المسلمون إن من الناس من يكد ويكدح وينصب للمال يجمعه بعرقه وسهره وتعبه وتفكيره وهو المنقطع الفاني والمضمحل، ويعرض عن الأعمال الصالحة والباقية والسارة والنافعة عند الله تعالى. وإن جاءها فبالقليل من الجد والنشاط والإخلاص. وفي هذه الآية الكريمة نص صريح إلى أن المال والبنين زينة دنيوية تخلق وتبلى وتفنى. وأن الذي يبقى للإنسان نفعه وأثره مضاعفًا عند الله تعالى هي الباقيات الصالحات. من صلاة وصدقة وصوم وحج وعمرة وقراءة قرآن وذكر وتسبيح وتهليل وطلب علم وتعليم نافعين وأمر بمعروف ونهي عن منكر وبر وإحسان وصلة رحم وغير ذلك. وقد ذم الله الدنيا وحذر من خضرتها وضرب لها الأمثال الكثيرة وعراها من زينتها وزخرفها في كتابه العزيز وعلى لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -. ليتصورها الناس حق التصور ويعرفوا باطنها وظاهرها فيقارنوا بينها وبين الدار الباقية ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار. فقال تعالى:{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[يونس: ٢٤] .
وقال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولمن قام على الأمة من بعده:{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً}[الكهف: ٤٥] .
وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «مر بجديٍ ميت فأخذ بأُذنه فقال