أن من جنى على لحية غيره فأزالها أو أزال جمالها على وجه لا يعود فعليه الدية كاملة.
ومن نظر في أقوال علماء المذاهب الأربعة وجد أنهم مجمعون على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها والأخذ القريب منه. ولا يخفى أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آنفًا خالفوا المشركين. وقوله خالفوا المجوس يؤيدان الحرمة، ولا شك أن حلق اللحية وإعفاء الشارب موافقة للمشركين والمجوس في شبههم الذي يختصون به لأنهم كانوا ولا زالوا يعفون شواربهم ويحلقون لحاهم ومخالفتهم أمر مقصود للشارع الحكيم، ومشابهتهم فيما ليس من شرعنا يبلغ التحريم في بعضه.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من تشبه بقوم فهو منهم» . ليس منا من تشبه بغيرنا. وهذا غاية في الزجر عن التشبه بالكفار والمجوس في أي شيء مما يختصون به من ملبوس أو هيئة. وقد يظن بعض الناس أن توفير اللحية من الأمور العادية التي يتبع الناس فيها عادة أهل زمانهم أو بلدهم وهو ليس كذلك وإنما هو من الأمور الشرعية التي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأصل في أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - التعبد حتى يقوم الدليل على خلافه ولهذا فحالق اللحية واقع بين خطرين عظيمين فإن كان حلقها استهزاء وتنقيصًا لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوارد فيها فقد قيل بكفره. وإن كان حلقها تهاونًا بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو فاسق عاص لله تعالى ولرسوله، وكلا الأمرين خطير قال الله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}[النساء: ٦٥] . وقال سبحانه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر: ٧] . ولقد كان من