شرف اللحية وفظاعة حلقها عند المسلمين قبل مخالطة الأجانب أن المذنب تقيده الدولة بالحديد وتحلق لحيته لما في حلقها من خزي ومذلة، ثم يصبغ وجهه بالسواد ويطاف به في الأسواق ليراه الناس على تلك الحال المخزية نكالا ً وعبرة. أما بعد مخالطة الأجانب فالأمر تغير كثيرًا. فمن الناس من يحلق لحيته بيده إمعانًا في الكراهية لها ومنهم من يحلقها بماله تماديًا في الإثم والغرور، ناسين أو متناسين الأوامر النبوية بتوفيرها. فيا ويحهم وقد كرهوا خير الهدي ورغبوا في شره وحلقوا لحاهم بأيديهم وصار حلقها بدعة عار وضلال في وجوههم. أيظن هؤلاء أن حلقها يكسوهم نضرة وبهاء. كلا. والله إنه ليكسبهم قبحًا وضلالاً. انظر إلى وجوه الحالقين لها كيف يذهب جمالها وبهاؤها وخاصة عند المشيب فتكون أشبه بوجوه العجائز. وانظر إلى وجوه الموفرين لها شبابًا وشيبًا كيف نضرت وازدانت باللحية حسنًا وجمالاً.
وإذا كان من المشركين في هذا الزمن من يعفي لحيته فلا يجوز لنا أن نترك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحية من أجل أن بعض المشركين يعفيها. فالمشرك إذا أعفى لحيته فهو لأمر دنيوي وحسب، أما نحن فنعفيها لأمر شرعي ولهذا فهو المتشبه بنا ولسنا نحن المتشبهين به. ومن نظر إلى ما عليه المسلمون اليوم وجد أن إعفاء اللحية غريب بينهم وأهلها قلة فيهم وتوفيرها شاق على أنفس الكثير منهم وخاصة من له نظراء يحلقونها أو رؤساء جهلة يكرهونها. ولكن هل نترك طاعة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي عين صلاحنا وفلاحنا ورفعتنا عند الله تعالى من أجل إنسان لا يملك لنفسه فضلاً عن غيره نفعًا ولا ضرًا. هل نترك التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمل صح أنه عمله وأمر به، من أجل أغراض دنيوية حقيرة، هل نترك هدي الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي شهد له الرب جل