للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين، إنه هو الغفور الرحيم فاستغفروه.

الحمد لله المرتفع عن إدراك الأبصار الناظرة، المنزه عن التخيلات، والأوهام الخاطرة، العالم بما تحت أمواج البحار الزاهرة، كعلمه بحركات خلقه الظاهرة، الذي جعل الموت أول منازل الآخرة، فأقام به القوي والضعيف تحت قدرته القاهرة. أحمده على نعمه وآلائه المتواترة، وآياته الباهرة المتظاهرة، حمدًا أدفع به حلول كل فاقرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة صادرة عن طوية غير مرتابة ولا فاترة. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالآيات الباهرة، والمفضل بالمقامات الفاخرة، الذي ألف بين القلوب المتنافرة. اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وعزته الطاهرة، وعلى أصاحبه الأنجم الزاهرة.

(أما بعد) فيها أيها الناس إن سبيل العافية عافية لقلة سُلاكها، وإن علل القلوب القاسية مؤذنة بهلاكها، وإن حلل الذنوب بادية على سوقة الأمة وأملاكها، وإن رسل المنون قانصة لا تفلت أحدًا من شباكها. فما للعيون ناظرة ولا تبصر؟ وما للقلوب قاسية ولا تفكر؟ وما للعقول طائشة ولا تشعر؟ وما للنفوس ناسية ولا تذكر؟ أغرها أنظارها وإمهالها؟ أم بشرها بالنجاة أعمالها؟ أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها؟ كلا ولكن شملت الغفلة، فاستحكم على القلوب أقفالها فكأن قد كشف الموت لأهل الغفلة قناعه، وأطلق على صحاح الأجسام أوجاعه، وحقق بكل الأنام إيقاعه، ولم يملك احد منكم دفاعه، فخفق من المنزول به فؤاده، وانمحق من ناظره سواده، وقلق لهول مصرعه عوادهن ورحمه أعداؤه وحساده، وأزف عن أهله

<<  <  ج: ص:  >  >>