للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالتعاليم السماوية مستخفين وقال الآباء للبنين، كونوا كما شئتم فما نحن عنكم بمسئولين، وقال الصغار للكبار لولا أنتم أيها الجامدون لكنا قومًا صالحين، فليتهم يسمعون الكتاب المبين، وهو يتحدث عن القرون الغابرين بقوله عز وجل {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ تَتَمَارَى} [النجم: ٥٥] .

أملك يا ابن آدم طويل وأجلك قصير، وخير هذه الحياة قليل وشرها كثير، فأنت تبني وتهدم، وتنقض وتبرم، وتقدر فتخطى التقدير، وتقول وتفعل وتترك وتدبر، فتأتي الأمور مخالفة للتدبير، وتسيء الاكتساب وتسوف بالمتاب، وتستبعد الموت لأنك صحيح وصغير، وإنما يموت المريض والكبير، فهلا تذكرت من مات فجأة وأخذ بغتة واستسلم كالأسير، فأمسى أميرًا وأصبح غير أمير، وتم أجله، وانقطع عمله، وأسلمه إلى الله أهله، وانقطعت عنه المعاذير، وفي القبر يسأله منكر ونكير وإذ ذاك يعلم المصير، أفي الجنة أم في السعير {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً} [طه: ١٠٣] .

إذا وقف الناس بين يدي الله، ونظر كل امرئ ما قدمت يداه، واجتمع الناس في عرصات القيامة وهم حفاة عراة، يسمعهم الصيت ويبصرهم الناظر من أبعد الموقف وأدناه، فثم تذهل العقول وتتبلبل الألسنة ويستغرق الإنسان في بكاه، وقد ألجمه العرق وتغشاه، وخشعت الأصوات للرحمن فلا يتكلم إلا من أذن له الله من ملائكته وأنبياءه وتطايرت الصحف ونصب الميزان وتجلى الله، لفصل القضاء بين عباده الطائعين والعصاة، فظهرت الجرائم، وأنصف

<<  <  ج: ص:  >  >>