الحمد لله رب المنن الضافية والإحسان، أحمده سبحانه! وهو الواحد الديان؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرب الكريم قديم الإحسان؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب الهدى الراشد، الصالح لكل زمان ومكان. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيا عباد الله؛ إن للخير بوادر، وإن للشر مصائر؛ فبوادر الخير توصل إلى الغاية الحميدة، ومصائر الشر تورث الحسرة، وتبعث على الندم. وإن من بوادر الخير، مسلك السلف في الصدر الأول - رضوان الله عليهم- حيث كانوا يتجهون إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أظهرهم- يسألونه عن سبل الهدى، ويبحثون عن طريق النجاة والسلامة، ويسترشدون عن أوجه الخير؛ فوصلوا بذلك إلى الغاية المحمودة، وكانوا هداة مهديين. يقول حذيفة رضي الله عنه:«كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه» . ويقول أحد الأنصار رضي الله عنهم: يا رسول الله؛ قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك. قال له:«قل: آمنت بالله، ثم استقم» . ويقول صحابي آخر: يا رسول الله؛ دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس. قال:«ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس» . ويقول معاذ بن جبل رضي الله عنه: يا رسول الله؛ أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار. قال:«لقد سألت عن عظيم؛ وإنه ليسير على من يسره الله عليه؛ تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» . أرشده في الطليعة