إلى عبادة الله وحده، ونفى الشرك عنه. لأن العبادة توحيد وإخلاص، ولأن الشرك منقصة للرب وإسفاف؛ توحيد يرتفع به العبد إلى أعلا درجات القرب والرضوان. قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}[الأنعام:: ٨٢] . أي: الذين أخلصوا توحيدهم لله، هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة. وشرك يهوي به المرء إلى الحضيض:{وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج: ٣١] . ثم أرشده إلى بقية أركان الإسلام؛ وهي جزء لا يتجزأ، من فرط في جزء منها: فقد فرط في الجميع. ثم أرشده إلى الإزلاف إلى الله بالنوافل، بعد أداء الفرائض؛ فقال:«ألا أدلك على أبواب الخير؛ الصوم جنة» - أي: ستر ووقاية للعبد من النار. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك الصوم وجهه عن النار سبعين خريفًا» - «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل» ؛ ثم تلا قوله تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧] ؛ ثم قال:«ألا أخبرك برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه» ؛ قلت: بلى يا رسول الله. قال:«رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» ؛ ثم قال:«ألا أخبرك بملاك ذلك كله» ؛ قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه، وقال:«أمسك عليك هذا» ؛ قلت: يا نبي الله؛ وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال:«ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم» ؛ أي: ما تجنيه من الذنوب، كالغيبة والنميمة، والوقوع في أعراض الناس،