الرضا بما يصنع. والسكوت على شره –فهو كنافخ الكير على الفحم الملوث. وأنت جليسه القريب منه يحرق بدنك وثيابك ويملأ أنفك بالروائح الكريهة. وفي مجالس الشر تقع الغيبة والنميمة والكذب والشتم والكلام الفاحش ويقع اللهو واللعب وممالأة الفساق على الخوض في الباطل فهي ضارة من جميع الوجوه لمن صاحبهم. وشر على من خالطهم. فكم هلك بسببهم أقوام. وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
وإليكم: واقعتين ومأساتين حصلتا بسبب صحبة الأشرار –الواقعة الأولى: ورد أن عقبة بن أبي معيط كان يجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة ولا يؤذيه وكان بقية قريش إذا جلسوا معه يؤذونه عليه الصلاة والسلام. وكان لابن أبي معيط خليل كافر غائب في الشام. فظنت قريش أن ابن أبي معيط قد أسلم فلما قدم خليله من الشام وبلغه ذلك غضب عليه غضبًا شديدًا وأبى أن يكلمه حتى يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنفذ ما طلب منه خليله الكافر وآذى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت عاقبته أن قتل يوم بدر كافرًا. وأنزل الله فيه قوله تعالى:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً َقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً}[الفرقان: ٢٩] . وهي عامة في كل من صاحب الظلمة فأضلوه عن سبيل الله فإنه سيندم يوم القيامة على مصاحبتهم وعلى الإعراض عن طريق الهدى الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الواقعة الثانية: روى البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل. فقال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فأعادا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعاد فكان آخر ما