للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأشرف الناس منها على ما يكرهون، وبه تزول الغصة إذا أشرف صاحبها على الموت، وبه يغتسل التعب الكل فيجد الراحة لوقته، وبه تستقيم المطوبخات وجميع الأشياء التي لا تستعمل ولا تصلح إلا رطبة، إلى غير ذلك من مآرب العباد التي لا غنى لهم عنها.

فانظر إلى عموم هذه النعمة وسهولة تناولها مع الغفلة عن قدرها مع شدة الحاجة إليها، فلو ضاقت لكدرت الحياة في الدنيا، فعلم بهذا أن الله تبارك وتعالى أراد بإنزاله وتيسيره عمارة الدنيا بما فيها من حيوان ونبات ومعدن إلى غير ذلك من المنافع التي يقصر عنها الوصف لمن يروم حصرها، فسبحان المتفضل العظيم.

باب

الحكمة في خلق الهواء

قال الله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحجر: ٢٢] .

اعلم رحمك الله أن الهواء في خلقه تتخلله الرياح، ولولا ذلك لهلك جميع حيوان البر، وباستنشاقه تعتدل الحرارة في أجسام جميع الحيوانات لأنه لها مثل الماء لحيوان البحر، فلو انقطع عن الحيوان استنشاقه انصرفت الحرارة التي فيها إلى قلبها، فكان هلاكها بسبب ذلك.

ثم انظر إلى الحكمة في سوق السحاب به، فيقطع المطر بانتقال السحاب في موضع يحتاج إلى المطر فيها للزراعة، فلولا لطف الباري بخلق الرياح لثقلت السحاب وبقيت راكدة في أماكنها، وامتنع انتفاع الأرض بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>