للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم انظر كيف تسير السفن بها وتنتقل بحدوثها وهبوبها فتحمل فيها من أقاليم إلى أقاليم مما لا يخلق تلك الأشياء فيها فينتفع أهلها، فلولا تنقلها بالهواء لم تكن تلك الأشياء إلا بمواضعها التي خلقت فيها خاصة، ولعسر نقلها بالدواب إلى غيرها من الأقاليم، وللعباد ضرورات تدعو إلى ما ينقل إليهم مما ليس يخلق عندهم، ومنافع يكثر تعدادها من طلب أرباح لمن يحلها ويعلم فوائدها. ثم انظر إلى ما في الهواء من الطاقة والحركة التي تتخلل أجزاء العالم فينفي بحركته عفن الأرض، فلولاه لعفنت المساكن وهلك الحيوان بالوباء والعلل.

ثم انظر إلى ما يحصل منه من النفع في نقل السوافي والرمال إلى البساتين وتقوية أشجارها بما ينتقل إليها من التراب بسبب حركة الهواء وتستر وجوه جبال بالسافي، فيمكن الزراعة فيها وما فصل إلى السواحل مما ينتفع الناس بسببه، وكل ذلك بحركة البحر بالهواء، فيقذف البحر العنبر وغيره مما ينتفع به العباد في أمورهم.

ثم انظر كيف يتفرق المطر بسبب حركة الهواء فيقع على الأرض قطرات، فلولا حركة الهواء لكان الماء عند نزوله ينزل انصبابة واحدة فيهلك ما يقع عليه، ثم يجتمع بلل القطرات فيجتمع أنهارًا وبحارًا على وجه الأرض من غير تضرر ويحصل بذلك مقصودهم على أحسن وجه.

فانظر إلى أثر رحمة الله، فسبحان اللطيف بخلقه المدبر لملكه.

ثم انظر عموم هذه الرحمة وعظيم نفعها، وشمول هذه النعمة وجليل قدرها كما نبه العقول عليها بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>