للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولهذا قال الفقهاء الأسماء ثلاثة أنواع نوع يعرف حده بالشرع كالصلاة والزكاة ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر. ونوع يعرف حده بالعرف كلفظ القبض ولفظ المعروف في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده، فإنه ثبت عندهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم.

٥٧) فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعًا لما جاء به الرسول ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعًا لقوله وعمله تبعًا لأمره، فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، فلهذا لم يكن فيهم من يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس دينًا غير ما جاء به الرسول، وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة، وهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدعة فإنهم يخالفون هذا الأصل كل المخالفة.

٥٨) فلما طال الزمان خفي على كثير من الناس ما كان ظاهرًا لهم، ودق على كثير من الناس ما كان جليًا لهم، فكثر من المتأخرين مخالفة الكتاب والسنة ما لم يكن مثل هذا في السلف، وإن كانوا مع هذا مجتهدين معذورين يغفر الله لهم خطاياهم ويثيبهم على اجتهادهم، وقد يكون لهم من الحسنات

<<  <  ج: ص:  >  >>