هَذَا وثَانِي ذَيْنِكَ الشَّيئَينِ إِنْ ... رُمْتَ المقالَ فَخُذْهُ بالإِجْمَالِ
صِدْقُ التَّأهُّبِ للقَاءِ فَإِنَّهُ ... مِنْ أَبْلَغِ الأَسْبَابِ وَالأَعْمَالِ
فَمَتى اسْتَعدَّ وَكَانَ هَذا شَأْنَه ... والشأْنُ كُل الشأنِ في الإِقْبالِ
انْحَلَّتْ الدُّنيا جَمِيْعًا وَانْجَلَتْ ... عَنْ قَلْبه فاشْتَاقَ لِلْتَّرْحَالِ
وَهُنَاكَ يُخْبِتُ قَلبُه للهِ جَلَّ ... اللهُ عن ندٍ وَعَنْ امْثَالِ
وَغَدَا بِهِمَّتِهِ مُنِيْبًا عَاكِفًا ... بِالقَولِ وَالأَعْمَالِ والأَحْوَالِ
وَهُنَاكَ يُحدثُ هِمَّةً أُخرى بِهَا ... يَرْجُو الفَلاحَ بِموقِفِ الأَهْوَالِ
فَتَكُونُ نِسْبَةُ قَلْبِه فِيْهَا إلى الأَ ... خرَى كَهَاذِي الدَّارِ بِالأَطفالِ
أَوْ لَيْسَ بَطْنُ الأُم كَانَ حجَابُهَا ... لِلْجِسْمِ في الدُّنْيا بِلا إِشْكَالِ
فَكَذَا حِجَابُ القَلْبِ كَانَ هُو الهَوى ... والنَّفْسُ مِنْ أَحِراه بالإِضْلالِ
وَالحَاصِلُ المقْصُودُ أَنَّ جَمِيْعَ أَعْمَا ... لِ القُلوبِ وَسَائِرِ الأَعْمَالِ
مُفْتَاحُها صِدْقُ التَّأهُبِ لِلُّقا ... وَالفَاتِحُ المَعْبُودُ ذُو الإِجْلالِ
انتهى.
آخر:
وَكُلُّ مَنْ نَامَ بِلَيْلِ الشَّبَابِ ... يوقظه الدهر بصبح المشيبْ
يَا رَاكِبَ العَجْزِ أَلا نَهْضَةٌ ... قَدْ ضَيَّقَ الدَّهْرُ عَلَيْكَ المَجَالْْ
لا تَحْسِبَنَّ أَنَّ الصِّبَا رَوْضَةٌ ... تَنَامُ فِيْهَا تَحْتَ فيءِ الظِّلالْ
فَالعَيْشُ نَومٌ وَالرَّدَى يَقْظَةٌ ... وَالمَرءُ مَا بَيْنَهُمَا كَالخَيَالْ
وَالعُمْر قَدْ مَرَّ كَمرِّ السَّحَابِ ... وَالمُلْتَقَى بِاللهِ عَمَّا قَرِيبْ
وَأَنْتَ مَخْدُوعٌ بِلَمْعِ السَّرَابْ ... تَحْسِبُهُ مَاءً وَلا تَسْتَرِيبْ