للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(فصل)

فائدة نفيسة قال أحد العلماء رحمه الله تعالى أعلم أن الدنيا رأس كل خطيئة كما قال - صلى الله عليه وسلم - وقد صارت عدوة لله وعدوة لأوليائه وعدوة لأعدائه، أما عداوتها لله تعالى فلأنها قطعت الطريق بينه وبين أوليائه.

ولهذا فإنه لم ينظر إليها منذ خلقها، وأما عداوتها لأوليائه فلأنها تزينت لهم بزينتها وغمرتهم بزهرتها وتزهت لهم بنضارتها حتى تجرعوا مرارات الصبر في مقاطعتها وتحملوا المشاق في البعد منها.

وأما عداوتها لأعدائه فلأنها استدرجتم بمكرها ومكايدها واقتنصتهم بحبائلها وأقصدتهم بسهامها حتى وثقوا بها وعولوا عليها.

فخذلتهم أحوج ما كانوا إليها وغدرت بهم أسكن ما كانوا إليها فاجتنوا منها حسرة تنقطع دونها الأكباد. وحرمتهم السعادة الأخروية على طول الآماد فانتبه يا من اغتر بها قبل أن يصيبك مثل ما أصاب المغترين بها.

وقال بعض العارفين إذا كان أبونا آدم بعد ما قيل له أسكن أنت وزوجك الجنة صدر منه ذنب واحد فأمر بالخروج من الجنة فكيف نرجوا دخولها مع ما نحن مقيمون عليه من الذنوب المتتابعة والخطايا المتواترة.

كان أبو الفتح المنهى قد برع في الفقه وتقدم عند العوام وحصل له مال كثير ودخل بغداد وفوض إليه التدريس بالنظامية وأدركه الموت بهمدان.

فلما دنت وفاته قال لأصحابه أخرجوا فلما خرجوا عنه جعل يلطم وجهه ويقول "يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله" ويقول لنفسه موبخًا لها يا أبا الفتح ضيعت العمر في طلب الدنيا وتحصيل المال والجاه والتردد إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>