فَلا رَاحِمٌ يُنْجِي ولا ثَم مَهْرَبُ
وَضَاقَتْ عَلَيْكَ الرُوْحُ بَعْدَ مُرُوْجِهَا ... وَأَنْزِلْتَ عِنْدَ البَابِ بَعْدَ بُرُوْجِهَا
وَقُرَّبتِ الأَكْفانُ بَعْدَ عُرُوْجِهَا ... وَغُمِّضَتِ العَيْنَان بَعْدَ خُرُوْجِهَا
وَبُسِّطَتِ الرِجْلان والرَّأَسُ يُعْصَبُ
وَقَامَ سِرَاعُ النَّاسِ لِلْنَّعِشْ يُحْضِرُوْا ... وَحَفَّارُ قَبْرٍ في المَقَابِرِ يَحْفُرُ
وَجَدَّ الذِي في حَوْلٍ نَادِِيْكَ حُضَّرٌ ... وَقَامُوا سِرَاعًا في جَهَازِكَ أَحْضَرُوْا
حَنُوطًا وَأَكْفَانًا وَلِلْمَاءِ قَرَّبُوا
وَصَبُّوا عَلَيْكَ المَاءَ وَأَنَّ سُمُوعَهُ ... وَحَنَّ قَرِيْبٌ بِالبُكَا وَرُبُوعُهُ
وَكُلُّ شَقِيْقٍ جَاءَ جَدَّ زُمُوعُهُ ... وَغَاسِكُكَ المحزُونُ تَبْكِي دُمُوعُهُ
بِدَمْعٍ غَزِيْرٍ وَاكِفٍ يَتَصَبَّبُ
كَصَيِّبِ مُزْنٍ وَدقُهُ مُتفرقٌ ... حَزِينٌ وَمِن مَا دَمْعِهِ مُتَفَرَّقٌ
وَكُلُّ رَحِيْمٍ قَلْبُهُ مَتَحَّرِقٌ ... وَكُلُّ حَبِيْبٍ لُبُّهُ مُتَحرِقٌ
يُحَرِكُ كَفيَّهِ عَلَيْكَ وَيَنْدُبُ
وَجَاءُوا بِأَثوابٍ وَطِيْب بِطَيِّهَا ... وَقَدْ نَشَرُوا الأَكْفَانَ مِن بَعْدَ طَيهَا
وَقَدْ بَخَّرُوْا مَنْشُوْرَهُنَّ وَطيَّبُوْا
وَخَاطُوا الذي يَحْتَاجُ مِنْهَا وَأَخْرَجُوا ... طَرَأَيدَ لِلْتحِزيمِ مِنْهَا وَأَدْلَجُوْا
جَمِيْعًا بِتَجهازٍ وَجِسْمَكَ أَدْرَجُوْا ... وَألقوك فيها بَيْنَهُنَّ وَأَدْرَجُوْا
عَلَيْكَ مَثَانِي طَيَّهُنَّ وَعَصَّبُوْا
وَشَالُوكَ من بَيْنِ الأَخِلاّ مُجَرَّدًا ... وَمَالكَ خَلْفًا قَدْ تَركْتَ وَخُرَّدا
وَصَلَّوْا وُقُوْفًا ثُمَّ زَفَّوكَ وُرَّدًا ... وَفِي حُفْرةٍ أَلْقَوكَ حَيْرَانَ مُفْرَدَا