وَيَقْصِمُهُ قَصْمًا فَيَبْقَى مُقَحْطَرَا
أَمَا زَاجِرٌ يَزْجُرْكَ يا من تَبَخْتَرَي ... أَمَا تَذْكُرُ المِيْزَانَ وَيْحَكَ مَا تَرَى
إِذَا كُنْتَ في قَعْرِ الجَحِيمِ مُكَبْكَبُ
أَمَا تَمْشِيْنَ بَيْنَ الوَرَى مُتَوَاضِعًا ... أَمَا تَتَّقِي رَبًّا أَلا تَكُ خَاضِعًا
أَحَاطَكَ ظَهْرًا ثُمَّ بَطْنًا وَرَاضِعًا ... كَأَنَّكَ مَا تَلْقَي عَلى الأَرْضِ مَوْضِعًا
وَمِنْ بَعْدُ تَلْهُو بِالشَّبَابِ وَتَلْعَبُ
رَأَيْتَ ولَمْ تَشْعُرْ نَذِيْرًا وَنَاهِيًا ... وَكُنْتَ بِدُنْيَاكَ الدَّنِيَّةِ سَاهِيًا
سَهِرْتَ وآثَرْتَ الغِنَى وَمَلاهِيًا ... تَرُوْحُ وَتَغْدُو في مُرَاحِكَ لاهِيًا
وسَوفَ بِاشْرَاكِ المَنِيَّةِ تَنْشبُ
أَتَحْسَبُ أنَّ الله أَنْشَى الوَرَى سُدَى ... سَيأتِيْكَ مَا مِنْهُ تَكُونُ مُكَسَّدًا
وَتُنْزَعُ رَوْحٌ ثُمَّ تَبْقَى مُجَسَّدَا ... وَتَبْقَي صَرِيْعًا في التُرابِ مُوَسَّدَا
وَجِسْمُكَ مِن حَرٍ بِهِ يَتَلَهَّبُ
وَمَالَكَ عَن دَفْعِ الأَذِيَةِ صَوْلَةٌ ... وَمَالَكَ مُذْ جَاءَ المُقَدَّرُ حِيْلةٌ
تَنُوحُ وَتَبْكِي بِالدُمُوعِ أَهيْلَة ... وَحَوْلَكَ أَطْفَالٌ صِغَارٌ وَعَوْلَةٌ
بِهِم بَعْدَ مَغْدَاكَ البَنُونُ تَشَعَّبُ
أَيادِي سَبَا خَلْفًا وَيَمْنَي وَيَسْرَةً ... وَكُنْتَ رَهِيْنًا لِلْمَنَايَا وَقسرَةً
وَجَاءَكَ مَا أَوْدَى إليها وَمَسَرَّةً ... وَقَدْ ذَرَفَتْ عَيْنَاكَ بِالدَّمْعِ حَسْرَةً
وَخَلَّفْتَ لِلْوُارثِ مَا كُنْتَ تَكْسِبُ
وَتَسْعَى لَهُ مِن تَالِدٍ وَمُحَصَّلٍ ... وَتَسْهَرُ لَو فِي سَدِّ يَأْجُوجَ تُوْصِلُ
وبِتَّ وَلَمْ تَسْمَعْ وِصَاةً لِمُوصِلِ ... تُعَالُجَ نَزْعَ الرُوْحِ من كُل مَفْصِلِ