كَذَاكَ سَلامُ الله مَا هَبَّتِ الصِّبَا
وَهَبَّتْ شَمالٌ مَع جَنُوبٍ وَهَيْدَبُ
آخر:
إِلى كَمْ تَمَادَى فِي غُرُوْرٍ وَغَفْلَةٍ ... وَكَمْ هَكذا نومٌ إِلى غَيْرِ يَقظةِ
لَقَدْ ضَاعَ عُمْرٌ سَاعَةٌ مِنْه تُشْترى ... بِمِلءِ السَّمَا وَالأَرْضِ أَيَّةَ ضَيْعَةِ
أَيُنْفَقُ هذا في هَوَى هذه اللَّتِي ... أَبَى الله أنْ تُسْوَي جَنَاحَ بَعوضَةِ
أَتَرْضَي مِن العَيْشِ الرَّغِيْدِ وَعِيْشَةٍ ... مَعْ الملأَ الأَعْلَى بِعَيشِ البَهِيْمَةِ
فيادُرَّة بَيْنَ المَزَابِلِ أُلْقِيَتْ ... وَجَوْهَرَةً بيْعَتْ بِأَبْخَسِ قِيْمَةِ
أَفَانٍ بِبَاقٍ تَشْتَرِيْهِ سَفَاهَةً ... وَسُخْطًا بِرضوَانٍ وَنَارًا بِجَنةِ
أَأَنْتَ صَدِيقُ أَمْ عَدوٌ لِنَفْسِهِ ... فَإِنَّكَ تَرْمِيْهَا بِكُلِّ مُصِيْبَةِ
وَلَو فَعَلَ الأَعْدَا بِنَفْسِكَ بَعْضَ مَا ... فَعَلْتَ لَمَسَّتْهُم لَهَا بَعْضُ رَحْمَةِ
لقد بِعْتَهَا هَوْنًا عَلَيْكَ رَخيْصَةً ... وَكَانَتْ بِهَذَا مِنْكَ غَيْرَ حَقِيْقَةِ
أَلا فاسْتَفِقْ لا تَفْضَحَنْهَا بِمَشْهَدٍ ... من الخَلْقِ إن كُنْتَ ابنَ أُمٍّ كَرِيْمَةِ
فَبَيْنَ يَدَيْهَا مَشْهَدٌ وَفَضِيْحَةٌ ... يُعَدُّ عَلَيْهَا كلُّ مِثْقَالِ ذَرَّةِ
فُتِنْتَ بها دُنْيَا كَثِيْرٍ غُرُوْرُهَا ... تُعَامِلُ في لَذَّتِهَا بِالخَدِيْعَةِ
إِذَا أَقْبَلَتْ بَذَّتْ وَإِنْ هِي أَحْسَنَتْ ... أَسَاءَتْ وَإِنْ ضَاقَتْ فَثِقْ بالكُدوْرَةِ
وَإِنْ نِلْتَ مِنْهَا مَالَ قَارُوْنَ لَمْ تَنَلْ ... سِوَى لُقْمَةٍ في فِيْكَ مِنْهَا وَخِرْقَةِ
وَهَيْهَاتَ تُحْظَى بالأماني وَلَمْ تَكُنْ ... لِتَنْزِعَهَا مِن فِيْكَ أَيْدِي المنيَّةِ
فَدَعْهَا وأَهْليْهَا لِتَغْبِطَهُمْ وَخُذْ ... لِنَفْسِكَ عنها فهو كُلُّ غَنِيْمَةِ
وَلا تغْبِطْ مِنْهَا بِفَرحَةِ سَاعَةٍ ... تَعُوْدُ بِأَحْزَان عَلَيْكَ طَوِيْلَةِ
فَعَيْشُكَ فِيْهَا أَلْفُ عَامِ وَتَنْقَضِي ...