والله مَا قَالَ امْرُؤ مُتَحَذْلِقٌ ... بِسِوَاهُمَا إِلا مِن الهَذَيانِ
إِنْ قُلْتُم تَقْرِيْرُهُ فَمُقَرَّرٌ ... بِأَتَّم تَقْرِيرِ مِن الرَّحمنِ
أَوْ قُلْتُمُ إِيْضَاحُهُ فَمُبَيَّن ... بِأَتمَّ إِيْضَاحٍ وَخَيْرِ بَيَانِ
أَوْ قُلتُم إِيْجازُهُ فَهْوَ الذِي ... فِي غَايَةِ الإِيْجَازِ وَالتِّبْيَانِ
أَوْ قُلتُم مَعْنَاهُ هَذَا فاقْصُدُوْا ... مَعْنَى الخِطابِ بِعَيْنِهِ وَعِيَانِ
أَوْ قُلتُم نَحْنُ التَّراجُمُ فَاقْصُدُوْا ... المَعَنْىَ بِلا شَططٍ وَلا نُقْصَانِ
أَوْ قُلتُم بِخِلافِهِ فَكَلامَكَمْ ... في غَايِةِ الإِنْكارِ وَالبُطْلانِ
أَوْ قُلتُم قِسْنَا عَلَيْهِ نَظِيْرَهُ ... فَقِيَاسُكُم نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ
نَوعٌ يُخَالِفُ نَصَّهُ فَهْوَ المُحَا ... لُ وَذَاكَ عِنْدَ اللهِ ذُو بُطْلانِ
وَكَلامُنا فِيه وَلَيْسَ كَلامُنَا ... في غَيْرِهِ أَعْنِيْ القِيَاسَ الثَّانِي
ما لا يُخَالِفُ نَصَّهُ فَالناسُ قَد ... عَمِلُوا بِه في سَائِرِ الأَزْمَانِ
لَكِنَّهُ عِنْدَ الضَّرُوْرَةِ لا يُصَا ... رُ إِليهِ بَعْدَ ذا الفُقْدَانِ
هذا جَوابُ الشَّافِعي لأَحْمَدٍ ... للهِ دَرُكَ مِن إِمَامِ زَمَانِ
وَالله مَا اضْطَرَ العِبَادُ إِليْهِ ... فِيْمَا بَيْنَهُم مِنْ حَادِثِ بِزَمَانِ
فَإِذَا رَأَيْتَ النَّصَ عَنْهُ سَاكِتًا ... فَسُكُوتُه عَفْوٌ مِن الرَّحمنِ
وَهوَ المُبَاحُ إِبَاحَةَ العَفْوِ الذِي ... مَا فيه من حَرِجٍ ولا نُكْرَانِ
فَأَضِفْ إِلى هَذَا عُمُوْمَ اللَّفْظِ ... وَالمَعْنَى وَحُسْنَ الفَهْمِ في القُرْآنِ
فَهُنَاكَ تُصْبِحُ في غِنى وَكَفايَةٍ ... عَن كُلِّ ذِي رَأَي وذِي حُسْبَانِ
وَمُقَدَّرَاتُ الذُهْنِ لم يُضْمَنْ لَنَا ... تِبْيَانُهَا بِالنَّصِ وَالقُرْآنِ
وَهي التِي فِيْهَا اعْتِرَاكُ الرَّأي مِن ... تَحْتِ العَجَاجِ وَجَوْلَةِ الأَذْهَانِ