تنبيه: على القول بأن قراءة ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ بالألف بمعنى الجماع فإنّ الآية بالمعنى تكون شاملة للحدثين الأصغر والأكبر.
فالأصغر في قوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ والأكبر في قوله تعالى: أو ﴿لمستم﴾، ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ وهو الجماع.
وقيل: إنّ الله ﷾ لما ذكر سبب الحدث، وهو المجيء من الغائط ذكر سبب الجنابة، وهو الملامسة، فبيّن حكم الحدث والجنابة عند عدم الماء، كما أفاد حكمهما عند وجود الماء، فلا يمنع حمل اللفظ على الجماع واللمس.
يقول ابن العربي:«قوله: ﴿وَلَا جُنُبًا﴾ أفاد الجماع، وأن قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ أفاد الحدث، وأن قوله: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ أفاد اللمس والقبل. فصارت ثلاث جمل لثلاثة أحكام، وهذه غاية في العلم والإعلام. ولو كان المراد باللمس الجماع كان تكرارا في الكلام، وكلام الحكيم ينزّه عنه والله أعلم»(١).
وأجيب بأنه: إن أريد منه اللمس باليد، فإنّه يكون قليل الفائدة؛ إذ المجيء من الغائط واللمس حينئذ من واد واحد، ولا تكون الآية حينئذ شاملة لحكم وجوب التّيمم للجنب إذا لم يجد الماء.
وحمل اللمس على الجماع قواه ابن تيمية معتمدًا على قاعدة: «إنّ الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول ﷺ بيانًا عامًّا ولا بد أن تنقلها الأمة فإذا انتفى هذا عُلم أن هذا ليس من دينه … وكذلك الناس لا يزال أحدهم يلمس امرأته بشهوة وبغير شهوة، ولم ينقل عنه مسلمٌ أنه أمر الناس
(١) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٤٤٤)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢٢٤).