للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الوقفة الرابعة: إن الأصل أن الحجّ والعمرة مشروعان في كل وقت بدلالة الإطلاق في قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، إلا أن الحج مخصوص بقوله: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ فتبقى العمرة على الأصل، فتكون مشروعة في جميع السنة، وتكرارًا لمن أراد؛ لأنّ الآية عامّة في جميع الأوقات.

• القسم الثاني: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦]، ونقف مع الآية - بإذن الله - ثماني وقفات:

* الوقفة الأولى: إنّ الإحصار يكون بالعدو وبالمرض.

ومأخذ الحكم في كونه راجعًا إلى الإحصار بالعدو يرجع إلى سبب نزول الآية حيث إنّها نزلت بالحديبية حين أحصر رسول الله بالحديبية، وحلق ورجع ولم يصل إلى البيت، ويؤيده من الآية قوله بعد ذلك ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ ثم ذكر المرض بعد ذلك بحكم مستقل ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ الآية.

أمّا كون الحصر يكون بالمرض، مأخذه: اللغة حيث إنّ الفعل الرباعي (أحصر) يقال في المرض، فيقال: " أحصره المرض " أمّا الثّلاثي (حصر) فإنّه للعدو، فيقال: حصره العدو، وهو قول الأخفش وابن السِّكيت من علماء اللغة (١).

وقال بعض أهل اللغة كالأزهري (٢) والزجاج (٣) إن الرباعي" أحصر " يقال لمن منعه خوف أو مرض من التصرف فهو محصر، ويقال: لمن حُبس: حُصر،


(١) انظر: اصلاح المنطق لابن السكيت (٢٣٠)، والمصادر القادمة.
(٢) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (٤/ ٢٣٢).
(٣) انظر: معاني القرآن للزجاج (١/ ٢٦٧).

<<  <   >  >>