للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل واضح على أن فهمهن لزوم ستر الوجوه من قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ من تصديقهن بكتاب الله وإيمانهن بتنزيله، وهو صريح في أن احتجاب النساء عن الرجال وسترهن وجوههن تصديق بكتاب الله وإيمان بتنزيله كما ترى. فالعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنة ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب، مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر الله في كتابه إيماناً بتنزيله. ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدم عن البخاري. وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين كما ترى» (١).

(١٦) قال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٣]

في الآية الكريمة أمر بصيغة المضارع المجزوم بلام الأمر (ليفعل) وهو قول ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ﴾ وهو أمر من المولى لعباده الذين لا يجدون ولا يقدرون على النكاح بسبب عدم وجود المال الذي يتزوج به، أو ما ينفق به على المرأة المتزوجة، أمرهم أن يجتهدوا في العفة ويحفظوا فرجوهم عن الزنا إلى أن يغنيهم الله من فضله (٢).

هذا على القول بأن ﴿حَتَّى﴾ في قوله ﴿حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ للغاية، وهو قول الجمهور (٣). فيكون مفهوم الغاية أن الله سبحانه إذا أغناه فلا يستعفف بل يطلب النكاح (٤).


(١) أضواء البيان (٦/ ٦٥٣ - ٦٥٥).
(٢) انظر: تفسير حدائق الروح والريحان للهرري (١٩/ ٣١٨).
(٣) انظر: تيسير البيان للموزعي (٤/ ٨٧)، أضواء البيان للشنقيطي (٦/ ٢٤٤)، تفسير حدائق الروح والريحان (١٩/ ٣١٨).
(٤) انظر: تيسير البيان للموزعي (٤/ ٨٧).

<<  <   >  >>