للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وهل يجب على المرأة بمقتضى هذه الآية تغطية وجهها؟

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: «وقال البخاري في صحيحه: باب ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، وقال أحمد بن شبيب: حدثنا أبي عن يونس، قال ابن شهاب عن عروة، عن عائشة قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ شققن مروطهن (١) فاختمرن بها (٢).

حدثنا أبو نعيم، حدثنا إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة: أن عائشة كانت تقول: لما نزلت هذه الآية ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي (٣)، فاختمرن بها. انتهى من صحيح البخاري (٤).

وقال ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث: قوله: فاختمرن؛ أي: غطين وجوههن. وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار. انتهى محل الغرض من فتح الباري (٥).

وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ يقتضي ستر وجوههن،


(١) المُرُطُ: الكساء، والواحد مِرْطٌ، ويكون من صوف، وربما كان من خَزّ، أو غيره.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٨/ ٣٩١٧).
(٢) أي: غطين وجوههن كما سيأتي، وانظر المصدر السابق (٣/ ١٢٧١).
(٣) حاشية كل شيء جانبه وطرفه.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٣/ ٩٢٠).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب، باب ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ برقم (٤٧٥٩).
(٥) فتح الباري (٨/ ٤٩٠).

<<  <   >  >>