للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استفهام توبيخي، فإنه يتردد بين الوجوب؛ باعتبار الذم اللاحق لترك العفو، وقد يحمل على الكراهة، إذ إن ترك المندوب مكروه؛ أو خلاف الأولى. والله أعلم.

قال الهرري: «﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ بهمزة الاستفهام التوبيخي، أي: ألا تحبون يا أرباب الفضل والسعة أن يستر عليكم ذنوبكم بأفضاله عليكم، والجزاء من جنس العمل، فكما تغفر ذنب من أذنب إليك يغفر الله لك، وكما تصفح يصفح الله عليك» (١).

(١٥) قال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: ٣١]

فقد ورد الأمر من المولى بصيغة المضارع المجزوم بلام الأمر (ليفعل) في قوله ﴿وَلْيَضْرِبْنَ﴾، والخطاب موجه للمؤمنات بأن يسترن مواطن الزينة عن الرجال، وذلك أن المولى سبحانه لما نهى النساء عن إبداء الزينة أرشد إلى إخفاء بعض مواضعها، فقال: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ﴾، أي: وليلقين ويضعن خمرهن ﴿عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وصدورهن عن الأجانب، حتى لا يرى منها شيء، والمراد بالجيب هنا محله وهو العنق (٢).

والآية استُدل بها على أن صدر المرأة ونحرها عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليهما منها، ويجب على المرأة سترهما (٣)، وعليه يحمل الأمر في الآية بلا خلاف.


(١) تفسير حدائق الروح والريحان (١٩/ ٢٦٧).
(٢) انظر: تفسير حدائق الروح والريحان (١٩/ ٣٠٥).
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٤٠٩).

<<  <   >  >>