للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تبين ما سبق فما حكم عفو الإنسان وصفحه عمن ظلمه؟

الذي يظهر لي أن دلالة الأمر (ليفعل) هنا على الندب، والصارف له عن الوجوب إلى الندب أمور:

(١) إن العفو والصفح من الآداب التي ترشدنا إليها الشريعة، لتحسين الخلق والأخذ بمكارمه.

(٢) في الآية قرينة لفظية تشعر بعدم الوجوب، وهي تعليل الأمر وتعليقه على المحبة بطريق العْرض ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾.

يقول الدكتور عبد العظيم المطعني عن الاستفهام: «المراد منه هو: الحث والترغيب في الإنفاق في سبيل الله، وإن أساء المنفق مستحقُّ العطاء، وبخاصة إذا كانوا من ذوي القربى، وذوي الأعذار الشديدة» (١).

وقال أيضاً: «﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ التفات من الغيبة إلى الخطاب مبالغة في الترغيب في المغفرة، واستمالة للنفوس نحو التحلي بأسبابها، وإسناد المغفرة إلى ﴿اللَّهُ﴾ لاستنهاض الهمم نحو العمل الصالح، والأخذ بالتي هي أحسن» (٢).

(٣) قُرن العفو بالصفح، والصفح قد لا يكون في مقدور الإنسان؛ لما سبق من بيان للفارق بينهما.

قلت: وإذا نظر إلى الاستفهام في قوله ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ على أنه


(١) الاستفهام في القرآن للمطعني (٣/ ٣٤).
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>