للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٤) قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢]

نزلت هذه الآية في حق أبي بكر الصديق عندما حلف ألا ينفق على مسطح بن أثاثة؛ لأنه تكلم في حادثة الإفك، فقال : ألا يحلف أولو الغنى والسعة على ألا يحسنوا إلى المستحقين، وليعفوا عن ذنبهم الذي أذنبوه في حقهم، وجنايتهم التي اقترفوها، وليصفحوا عن الجاني (١).

وورد في السنة أن أول رجل قطع في الإسلام - أو من المسلمين - رجل أتي به النبي ، فقيل: يا رسول الله إن هذا سرق، فكأنما أُسِفّ وجه رسول الله رماداً، فقال بعضهم يا رسول الله! - أي: يقول مالك (٢)؟ - فقال: «وما يمنعني؟ وأنتم أعوان الشيطان على صاحبكم، والله ﷿ عفوٌ يحب العفو، ولا ينبغي لوالي أمر أن يؤتى بحد إلا أقامه، ثم قرأ: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾» (٣).

والآية فيها الأمر بالعفو والصفح، وقيل إن الفرق بينهما (٤):

أن العفو: ترك المؤاخذة بالذنب، والصفح: إزالة أثره من النفس، صفحت عن فلان: إذا أعرضت عن ذنبه.

فالصفح: ترك التأنيب، وهو أبلغ من العفو، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح.


(١) انظر: فتح القدير (٤/ ١٧).
(٢) جاء عند البيهقي في السنن (٨/ ٣٣١): "كأن هذا شق عليك؟ ".
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٧/ ٨٤) برقم (٣٩٧٧)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٤٢٤) برقم (٨١٥٥)، وقال: " صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي ".
(٤) انظر: المفردات (٤٨٦)، وتاج العروس (١٠/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>