للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يزعم أنه إطلاق من حظر، إذ كانت هذه الأشياء محظورة قبل الإحلال ...... والأول أصح، لأن أمره بقضاء التفث قد انتظم سائر المناسك على ما روي عن ابن عمر ومن ذكرنا قوله من السلف (١). ومعلوم أن فعل سائر المناسك ليس على وجه الإباحة، بل على وجه الإيجاب، فكذلك الحلق؛ لأنه قد ثبت أنه أريد بالأمر بقضاء التفث الإيجاب في غير الحلق، فكذلك الحلق» (٢).

* المسألة الثانية: الإيفاء بالنذر الوارد في قوله: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾

أمر المولى عباده بالإيفاء بالنذر، أي بما أوجبوه على أنفسهم من أعمال البر، في أيام الحج مما لا يقتضي الحج وجوبه من الضحايا وغيرها، إذ النذر أن توجب على نفسك ما ليس بواجب (٣).

إذا تبين ذلك فإن الآية على حقيقتها من الوجوب بالإجماع.

يقول الموزعي: «أمرهم الله تعالى بإيفاء النذور، والأمر فيه للوجوب، وعلى وجوب الوفاء بالنذر أجمع المسلمون … » (٤).

وقد ذكر العلماء الخلاف فيمن نذر نذراً لا يلزم الوفاء به هل تلزمه كفارة يمين أو لا يلزمه شيء؟.

يقول الجصاص: «قال أبو بكر: وفيه الدلالة على لزوم الوفاء بالنذر، لقوله تعالى: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾، والأمر على الوجوب، وهو يدل على بطلان قول


(١) ذكر الجصاص في أحكام القرآن (٣/ ٣١٠) أن ابن عمر وسعيد بن جبير تأولوا: ﴿لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ بمعنى المناسك.
(٢) أحكام القرآن (٣/ ٣١٠ - ٣١١).
(٣) انظر: تفسير حدائق الروح والريحان للهرري (١٨/ ٣١١).
(٤) تيسير البيان (٤/ ٢٤).

<<  <   >  >>