الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن فهم القران الكريم له مناهج عدَّة، ويحتاج المفسر الإلمام بها، وإعمالها بحسب ما يرد عليه من النصوص القرآنية، وإن كان النص المراد تفسيره متعلقاً بآية من آيات الأحكام فإن أنسب تلك المناهج هو المنهج الاستدلالي، وقد ضبطه الأصوليون، باستقراءات خاصة، حيث إنهم درسوا كل ما يتعلق بفهم النص، فدرسوا الأساليب العربية التي نزل بها القرآن، تحت ما أسموه " دلالات الألفاظ "، وربطوا من خلالها الألفاظ بمعانيها ومقاصدها، وازدوج النقل عندهم بالعقل، والرواية بالدراية، بقواعد استدلالية محكمة، وبقدر الإحاطة بهذا المنهج الاستدلالي يتفاوت الناس في فهم النص القرآني.
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين:" منهم من يفهم من الآية حكماً أو حكمين، ومنهم من يفهم عشرة أحكام أو أكثر من ذلك، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره، وأخص من هذا وألطف ضمه إلى نص آخر متعلق به، فيفهم من اقترانه به قدراً زائداً على ذلك اللفظ بمفرده، وهذا باب عجيب من فِهم القرآن لا يتنبه له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه "(١).