للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ وقوله: ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ مطلق في التطهير لا عامّ فيه، بل عامّ في المكلفين، إذا تطهّرنا بالماء مرّة حصل موجب اللفظ، فبقيت المرّة الثانية منه غير منطوق بها، فتبقى على الأصل غير معتبرة، فإنّ الأصل في الأشياء عدم الاعتبار في التّطهير؛ إذ الأصل أن لا يعتبر في التطهير وغيره إلّا ما وردت الشّريعة به» (١).

* المبحث الخامس: حكم إزالة النجاسة.

استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن إزالة النجاسة ليست بواجبة (٢).

مأخذ الحكم: لأنّه لم يذكر النجاسة في الآية وذكر الوضوء، فلو كانت إزالتها واجبة لكانت أوّل مبدوء به (٣).

قال ابن الفرس: «وأما إزالة النجاسات فإن حكمها مأخوذ من موضع آخر، وليس يقتضي بيان حكم الوضوء بيان حكم شرائط الصلاة كلها، فإن الصلاة موقوفة إجماعاً على ستر العورة، ولا ذكر لها في هذه الآية، فكذلك هي موقوفة على طهارة البدن والثوب، ولم يكن السكوت عنهما مانعاً من اشتراط السكوت عنه في آخر الفعل» (٤).

والصّحيح: وجوب إزالة النجاسة استدلالًا بقصة صاحبي القبرين حيث قال : «إنّهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أمّا أحدهما فكان لا يستتر من البول


(١) الفروق (٢/ ١١٨).
(٢) انظر: المغني (١/ ٢٠٦)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٨٠).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٨٠)، الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٠٠).
(٤) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩)، وبمثله قال ابن العربي في أحكام القرآن (٢/ ٥٨١).

<<  <   >  >>