للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسواء قلنا باشتراط كون الكاتب ليس واحداً منهما، أو عدم اشتراط ذلك، فإن دلالة الأمر ﴿وَلْيَكْتُبْ﴾ تحمل على الخلاف السابق، الدائر بين الوجوب والندب في حكم كتابة الدَّين.

* المسألة الثانية: العدالة في كتابة الدين

تشمل العدالة هنا المكتوب والكاتب، أما المكتوب «فلا يميل أحدهما لقرابة ولا غيرها، ولا على أحدهما لعداوة ونحوها» (١).

أما الكاتب فاشتراط كونه عدلاً، لأن الحكمة من الكتابة - كما سبق - هي حفظ الأموال، وغير العدل لا يؤمن منه الميل لأحد المتداينين لقرابة أو لعداوة - كما سبق - أو لمصلحة نفسه.

قال الإمام مالك: «لا يكتب الوثائق بين الناس إلا عارف بها عدل في نفسه، مأمون؛ لقوله تعالى: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾» (٢).

قال ابن الفرس: «استدل به بعضهم على أنه لا يكتب الوثائق إلا عارف بها، عدل في نفسه مأمون» (٣).

وقال أيضاً: «يؤخذ من قوله: ﴿بِالْعَدْلِ﴾ عدم صحة وصاية الذمي والفاسق؛ لأنه لا يؤمر أن يمُل بالعدل إلا العدل» (٤).

إذا تقرر ما سبق فإنه لا ينبغي أن يختلف اثنان في حمل صيغة (ليفعل) هنا على الوجوب؛ لما سبق من أن المقصود حفظ الحقوق، وحفظها واجب،


(١) تيسير الكريم الرحمن (١/ ١٦٥).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٣٦٥)، المجموع للنووي (١٣/ ٩٩).
(٣) أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٤١٨)، وانظر: المحرر والوجيز لابن عطية (٢/ ٢٨٧).
(٤) أحكام القرآن (١/ ٤٢٠).

<<  <   >  >>