الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فما زالت الجامعات تخرج من رحمها رسائل علمية موسومة بتخريج الفروع على الأصول، إلا أنني لم أر من جمع وحصر التخريج الأصولي في نوازل أحكام القرآن، فعقدت العزم على وضع لبنة في هذا الجانب، بجمع ما أمكنني من نوازل في العبادات، استدل عليها بكتاب الله.
والقرآن أصل الأدلة، والأحكام ثمرة تلك الأدلة، يقول الإمام الشاطبي في معرض بيانه أن القرآن فيه بيان لكل شيء، ومنها الأحكام، فقال: «ومنها التجربة: وهو أنه لا أحد من العلماء لجأ إلى القرآن في مسألة إلا وجد لها أصلاً، وأقرب الطوائف من إعواز المسائل النازلة أهل الظواهر الذين ينكرون القياس، ولم يثبت عنهم أنهم عجزوا عن الدليل في مسألة من المسائل، وقال ابن حزم الظاهري:" كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في الكتاب والسنة، نعلمه والحمد لله، حاش القِراض، فما وجدنا له أصلاً فيهما ألبتة " إلى آخر ما قال، وأنت تعلم أن القِراض نوع من أنواع الإجارة، وأصل الإجارة في القرآن ثابت» (١).