للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدأ تحريم الربا بتحريم نسبة منه معينة وهي ما كانت أضعافًا مضاعفة تمهيدًا لتحريمه كله في المرحلة الأخيرة.

المرحلة الرابعة: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ - ٢٧٩] الآيات من سورة البقرة.

فغلظ سبحانه في تحريم الربا، وغلظ في تحريمه بالتهديد والوعيد لأصحابه ووصفهم بأنهم محاربون لله ورسوله وهل بعد هذا أغلظ في التحريم وأبشع في الوصف، وأصرح بالتحريم.

ملحوظة: وقع بعض المفتين في الخطأ في الفتيا فأباح بعضهم الربا اليسير وهو الذي لا يصل إلى الأضعاف المتضاعفة جهلًا منه بأن هذا كان في مرحلة من مراحل تحريم الربا (١)، وأنه بهذا كمن يبيح الخمر في غير أوقات الصلاة مستدلًّا بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣] ولعله يظهر بهذا أهمية معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل.

* المطلب السابع: الاستشهاد بالآية على مستند الإجماع.

أجمع العلماء على حل البيع وحرمة الربا (٢)، والإجماع حجة، ولا بد له من مستند (٣)، ويستدل بالآية على كونها مستنداً للإجماع.


(١) المصدر السابق.
(٢) نقل الإجماع على تحليل البيع وتحريم الربا جمع من العلماء: منهم ابن قدامة في المغني (٦/ ٧، ٥١).
(٣) قال الآمدي في الإحكام (١/ ٢٦١): «اتفق الكل على أن الأمة لا تجتمع على الحكم إلا على مأخذ ومستند يوجب اجتماعها عليه، خلافاً لطائفة شاذة … » وانظر: كشف الأسرار (٣/ ٢٩٣ - ٢٩٥)، شرح الكوكب (٢/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>