للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمر هنا محمول على الوجوب بلا خلاف ولا سيما في صورة التوقان (١).

ويرى الشيخ محمد الأمين الشنقيطي أن «الاستعفاف المأمور به في هذه الآية، هو المذكور في قوله ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: ٣٠] وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٣٢] ونحو ذلك من الآيات» (٢) وهو تفسير للقرآن بالقرآن مؤكداً لما ذهب إليه الجمهور من حمل الأمر على الوجوب.

أما إذا قيل بأن ﴿حَتَّى﴾ للتعليل وليست للغاية، «والمعنى: وليطلب العفة الذين لا يجدون نكاحاً بالاكتساب؛ لكي يغنيهم الله من فضله، فحينئذ يحصل الوعد من الله بالغنى في طلب النكاح للعفة، ويكون الأمر على الاستحباب» (٣).

(١٧) قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾ [النور: ٥٨]

اللام في قوله ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ﴾ لام الأمر، والاستئذان طلب الإذن، أي: يطلب منكم الإذن في الدخول (٤)، الأناس الذين ملكت أيديكم من العبيد، والإماء الكبار و الصبيان الذين ﴿لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ﴾ أي البلوغ، فليستأذنوا في الدخول عليكم ثلاث أوقات في اليوم والليلة؛ لأنها ساعات غرة وغفلة، فهي أوقات تكشف فيها العورات غالباً، وتقلُّ الحاجة إلى تطوف الصبيان والخدم، وتعدم المشقة التي هي سبب رفع الحرج.


(١) انظر: تفسير حدائق الروح والريحان للهرري (١٩/ ٣١٨).
(٢) أضواء البيان (٦/ ٢٤٤).
(٣) تيسير البيان (٤/ ٨٧).
(٤) انظر: المفردات (٧١)، تفسير حدائق الروح والريحان للهرري (١٩/ ٤٢٣).

<<  <   >  >>