للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهنا فائدتان: الأولى: المراد بالأشهر الحرم: ذي العقدة، وذي الحجة، والمحرم، ورجب، وهذا أيضا باتفاق أهل العلم (١)، وقد ورد فيها قوله : "إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو العقدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" (٢).

الفائدة الثانية: ذهب جمهور أهل العلم (٣) إلى أن ابتداء القتال في الأشهر الحرم كان منهياً عنه وغير جائز، ثم نسخ ذلك وصار القتال فيها جائزاً.

يقول أبو عبيد: " والناس اليوم بالثغور جميعاً على هذا القول، يرون الغزو مباحاً في الشهور كلها حلالها وحرامها، لا فرق في ذلك عندهم، ثم لم أر أحداً من علماء الشام والعراق ينكره عليهم، وكذلك أحسب قول أهل الحجاز. " (٤).

(٣) قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

ذكرت الآية الكريمة أحكاما فقهية، ما ثبت منها بلفظ الخبر حكمين فقهيين


(١) نقل الإجماع النووي في شرحه على صحيح مسلم (١/ ١٨٢).
(٢) أخرجه البخاري، في كتاب التفسير، باب تفسير سورة براءة، برقم (٤٣٨٥).
(٣) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (٣٣)، أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣٩٠)، أحكام القرآن لابن العربي (١/ ١٤٧)، الجامع لأحكام القرآن القرطبي (٣/ ٤٣)، نواسخ القرآن لابن الجوزي (١/ ٢٧١).
(٤) الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد (٢٠٨).

<<  <   >  >>