للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهما:

الحكم الأول: وجوب العمرة.

وقد سبق القول بأن وجوب العمرة هو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو قول عند الحنفية والمالكية عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: ١٢٥].

وقد استدلوا بهذه الآية على قراءة الجمهور بنصب لفظ ﴿وَالْعُمْرَةَ﴾ عطفاً على ﴿الْحَجَّ﴾ على خلاف بينهم في معنى الإتمام (١) في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا﴾.

ووردت الآية بقراءة آحادية عن ابن مسعود برفع لفظ (العمرةُ) (٢) وهي بهذه القراءة خبر بمعنى الأمر، والمعنى أنها مما تتقربون بها إلى الله ﷿ وقد ذكر أبو منصور الماتريدي (ت ٣٣٣ هـ) أن الكفار كانوا يفعلون الحج لله والعمرة للصنم (٣). فتكون الآية تأمرهم بأن تكون العمرة كذلك لله .

يقول الدكتور محمد بازمول: " والقراءة الآحادية برفع (العمرةُ) أفادت الأمر بإتمام الحج، ثم استئناف كلام جديد يخبر الله تعالى بأن العمرة لله، وهو خبر بمعنى الأمر ليفيد مزيد الاهتمام بالعمرة فلا تصرف إلا لله، لأن بعض المشركين


(١) اختلف العلماء في تأويل الإتمام على خمسة أقوال:
الأول: يعني، وأتموا الحج لمناسكه، وسننه، وأتموا العمرة بحدودها وسننها.
الثاني: أن إتمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك.
الثالث: أن إتمام العمرة أن تحرم بها في غير الأشهر الحرم، وإتمام الحج أن تأتي بجميع مناسكه، حتى لا يلزم دمٌ لجبران نقصان.
الرابع: أن تخرج من دويرة أهلك لأجلها لا تريد غيرهما من تجارة ولا مكسب.
الخامس: أن إتمامهما واجب بالدخول فيهما.
انظر: جامع البيان للطبري (٢/ ٢١٤)، معاني القرآن للزجاج (١/ ٢٦٦).
(٢) انظر: زاد المسير (١/ ٢٠٤)، الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٦٩)، البحر المحيط (٢/ ٧٢).
(٣) انظر: تفسير البحر المحيط (٢/ ٧١).

<<  <   >  >>