للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: ما يترتب على الحرمة من الأحكام.]

يترتب على الحرمة فساد ذلك المحرم، فيترتب على تحريم الربا فساد العقد المعقود عليه، وذلك لأن الحرمة تقتضي وجوب الامتناع من التصرف فيما أخذ عن عقد الربا، وإذا وجب الامتناع عنه لم يجز أن يكون مشروعاً، وإذا لم يكن عقد الربا مشروعاً لم يثبت الملك المشروع، لأن الملك المشروع لا يثبت إلا بالعقد المشروع، وهذا يقتضي فساده (١)، إذ الفاسد ما لا يترتب عليه أثره (٢).

كما أن الحرمة وقعت مقابلة للحل والمشروع - كما سبق - فإذا كان وقوع البيع علة الوجه المشروع يوجب صحته، فوقوع الربا على غير الوجه المشروع - وهو المحرم - يوجب فساده لما بينهما من تطابق «الحل والحرمة» و «الصحة والفساد».

ويدل على ما سبق - أيضا - من فحوى الآية من إيجاب التفرفة بينهما من هذه الجهة (٣).


(١) انظر: قواطع الأدلة للسمعاني (١/ ١٤٧)، وقد نقل عدد من العلماء الإجماع على فساده. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٣/ ٢٧): «وقو القائل: إنه شرعي [أي: البيع المنهي عنه] إن أراد أنه يسمى بما سماه به الشارع، فهذا صحيح، وإن أراد أن الله أذن فيه، فهذا خلاف الإجماع. وإن أراد أنه رتب عليه حكمه، وجعله يحصل المقصود، ويلزم الناس حكمه - كما في المباح - فهذا باطل بالإجماع».
(٢) انظر: المنثور للزركشي (٢/ ٤٠٩)، قواعد ابن رجب (٦٦).
(٣) كما يدل على فساد عقد الربا القرائن المحتفة بالنص، ومن تلك وجوب رد الزيادة المأخوذة عن عقد الربا إلى بائعها، وذلك لا يكون إلا مع فساد العقد انظر: اللباب في علوم الكتاب (٤/ ٤٥٣).
انظر: اللباب في علوم الكتاب (٤/ ٤٥٣).

<<  <   >  >>