للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* المبحث الخامس: اشتراط النية في الوضوء.

اشترط بعض أهل العلم النية في الوضوء (١).

مأخذ الحكم: مفهوم قوله ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ أي: أردتم القيام مما يدل على أن الوضوء يراد للصّلاة، وأنّه شرط في صحتها، والإرادة هي النّية (٢).

قال القرطبي: «احتج علماؤنا وبعض الشافعية بقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ فلما وجب فعل الغسل كانت النية شرطا في صحة الفعل؛ لأن الفرض من قبل الله تعالى، فينبغي أن يجب فعل ما أمر الله به، فإذا قلنا: إن النية لا تجب عليه لم يجب عليه القصد إلى فعل ما أمره الله تعالى، ومعلوم أن الذي اغتسل تبردًا أو لغرض، ما قصد أداء الواجب، وصحّ في الحديث أن الوضوء يكفر، فلو صحَّ بغير نية لما كفَّر. وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]. (٣)

قال ابن العربي في قوله: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ في آية [النساء: ٤٣]: «ولفظ اغتسل يقتضي اكتساب الفعل، ولا يكون مكتسباً له إلا بالقصد إليه حقيقة، فمن أخرجه إلى المجاز فعليه البينة» (٤).

تنبيه: سبق القول بأن مالم يذكر في الآية، جعله البعض من المسنونات، وذهبت الحنفية إلى أن في اشتراط النية زيادة على النص بخبر الواحد وهو غير مقبول عندهم؛ لأنه نسخ عنده، والنسخ لا يكون بخبر الواحد (٥).


(١) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦١ - ٣٦٢).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٥٩).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٨٤)، وانظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦١ - ٣٦٢).
(٤) أحكام القرآن (١/ ٤٤٠).
(٥) انظر: المبسوط (١/ ٧٢)، فواتح الرحموت (٢/ ١٦٥)، تيسير التحرير (٣/ ٢١٩).

<<  <   >  >>