للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومأخذهم في عدم الأخذ بالمفهوم: كونه معارضاً بالمنطوق الوارد بالسنة (١)، وهو ما روي عن بعض الصحابة أنّه أصابته جنابة، وكان به جراحة عظيمة، فسأل بعضهم فأمره بالاغتسال، فلما اغتسل مات، فسمع النبي ذلك، فقال: «قتلوه قتلهم الله ألا سألوا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم» (٢).

لذا يرى الرازي أنه ليس في الآية دلالة على منع المريض من التيمم عند وجود الماء، وإنما دلت السنة على جوازه (٣).

ومن العلماء من يستدل بدلالة معنى المرض في الآية على منع المريض من التيمم عند وجود الماء (٤)، وهذا يشبه قول الأصوليين: يستنبط من النص معنى يخصصه، والله أعلم.

قال ابن عاشور: «وقوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ عطف على فعل الشرط، وهو قيد في المسافر، ومن جاء من الغائط، ومن لامس النساء، أمّا المريض فلا يتقيد تيممه بعدم وجدان الماء؛ لأنه يتيمم مطلقا، وذلك معلوم بدلالة معنى المرض،


(١) انظر: بداية المجتهد (١/ ١٣١)، المجموع (٢٤/ ٢٢٨).
(٢) أخرجه أبو داوود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم برقم (٣٣٦).
قال أن ابن حجر: "رواه أبو داوود بسند فيه ضعف، وفيه اختلاف على روايته"، وضعفه الألباني. انظر: بلوغ المرام (٤٥)، وإرواء الغليل (١/ ١٤٢ - ١٤٣).
(٣) انظر: التفسير الكبير (١٠/ ٨٨ - ٨٩).
(٤) قال الرازي في تفسيره (١١/ ٣٠٩): " المرض على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يخاف الضرر والتلف، فههنا يجوز التيمم بالاتفاق. الثاني: أن لا يخاف الضرر ولا التلف، فههنا قال الشافعي: لا يجوز التيمم، وقال مالك وداود يجوز، وحجتهما أن قوله وإن كنتم مرضى يتناول جميع أنواع المرض. الثالث: أن يخاف الزيادة في العلة وبطء المرض، فههنا يجوز له التيمم على أصح قولي الشافعي . وبه قال مالك وأبو حنيفة -رحمهما الله-، والدليل عليه عموم قوله وإن كنتم مرضى الرابع: أن يخاف بقاء شين على شيء من أعضائه، قال في «الجديد»: لا يتيمم. وقال في «القديم» يتيمم وهو الأصح لأنه هو المطابق للآية. "، وانظر كذلك تفسيره (١٠/ ٨٨).

<<  <   >  >>