للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما جمهور أهل العلم فإنهم يرون قوله ﴿الشَّهْرَ﴾ هو مفعول ﴿شَهِدَ﴾ وأما المقيم فهو مخصوص بقوله في آخر الآية: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]، وقدموا التخصيص على الإضمار (١).

تنبيه: في قوله تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٥] خلاف في اللام الواردة فيه، هل هي لام للتعليل أو لام الأمر؟

يقول ابن الفرس: «ويجوز أن تكون لام الأمر، ويكون المعنى: أو في مرضه، فليكمل عدة الأيام التي أفطر فيها … » (٢).

قلت: ووجوب إكمال العدة ثابتٌ بقوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، فهو مصدر نائب عن فعل الأمر - وهو أحد الأساليب الصريحة بالأمر.

قال الزركشي: «المراد بصيغة (افعل) لفظها وما قام مقامها من اسم الفعل ك (صه)، والمضارع المقرون باللام … وكذلك المصدر المجعول جزاء الشرط بحرف الفاء كقوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] أي فحرروا … وقوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] أي صوموا … » (٣).

وقال القرطبي: «﴿فَعِدَّةٌ﴾ ارتفع عدة على خبر الابتداء، تقديره فالحكم أو الواجب عدة». ثم قال بعدها: «ويصح فَعليهِ عدة»، وقبلها قال: «إن في الكلام حذف؛ أي من يكن منكم مريضاً أو مسافراً فأفطر فليقض» (٤).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٢٩٥)، أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ١٩٩).
(٢) أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٢٠١) ..
(٣) البحر المحيط (٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧).
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٢٧٦، ٢٧٧).

<<  <   >  >>