للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باقية إلى يوم القيامة، والاستدلال على خصوصها به بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ الآية، استدلال ساقط. وقد أجمع الصحابة والمسلمون على رد مثله في قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١٠٣]، واشتراط كونه فيهم إنما ورد لبيان الحكم، لا لوجوده، والتقدير: بيِّن لهم بفعلك لكونه أوضح من القول كما قاله ابن العربي وغيره (١)، وشذ عن الجمهور أبو يوسف (٢)، والمزني (٣)، وقال بقولهما الحسن بن زياد اللؤلؤي، وإبراهيم بن عُلَيَّة فقالوا: إن صلاة الخوف لم تشرع بعده ، واحتجوا بمفهوم الشرط في قوله: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ الآية. وردّ عليهم بإجماع الصحابة عليها بعده (٤)، وبقوله «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٥) وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على ذلك المفهوم» (٦).


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٤٩٣).
(٢) وقيل إن أبا يوسف يرى أن صلاة الخوف لا تجوز بعد النبي إلا بإمامين، يصلي كل واحد منهما بطائفة ركعتين. انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٣٠)، تيسير البيان للموزعي (٣/ ٢٧).
(٣) المنقول عن المزني في كتب أهل العلم القول بأن آية الخوف منسوخة في زمنه ؛ لأنه لم يصل صلاة الخوف في الخندق، ولو كانت جائزة لما تركها وفوَّت الصلاة على نفسه ومن معه.
ورد الجمهور عليه بأن صلاة الخوف نزلت بعد الخندق، وأن الصحابة صلوها بعد وفاة النبي من غير نكير.
يقول القاري في مرقاة المفاتيح: "وأجمعوا على أن صلاة الخوف ثابتة بعد موت النبي ".
انظر: المجموع للنووي (٤/ ٣٤٩)، مرقاة المفاتيح (٣/ ٤٦٤)، الآراء المحكوم عليها بالشذوذ (٢/ ١٣٦٤).
(٤) انظر: المغني لابن قدامة (٣/ ٢٩٧).
(٥) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة، برقم (٦٠٥)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإقامة، برقم (٦٧٤).
(٦) أضواء البيان للشنقيطي (١/ ٤٢٠ - ٤٢١).

<<  <   >  >>