للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راجحة (١).

ومن العلماء من جعل دلالة الآية على الحكم بطريق النص (٢)، وذلك بسبب القرائن المحتفة بالآية ومن تلك القرائن المتصلة: التغليظ في تحريمه بالتهديد والوعيد لأصحابه، ووصفهم بأنهم محاربون الله ورسوله، ووصف قيامهم يوم القيامة بوصف بشع ﴿كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: ٢٧٥].

وتعتبر الآية شاهداً عند الحنفية على ما يسمى بدلالة العبارة، أو عبارة النص وهي: ما كان السياق لأجله، ويعلم قبل التأمل أن ظاهر النص متناول له (٣)، وذلك لأن الآية _عندهم _تحمل على معنيين، الأول: حل البيع وحرمة الربا.

والثاني: التفرفة بين البيع والربا، وكل واحد من الحكمين مقصود، فدلالة الآية عليهما تسمى دلالة العبارة، لأنها ثابتة باللفظ والنظم، إلا أن المعنى الأول لم تُسق الآية من أجله فهو مقصود تبعًا، وهذا ما يسمى باعتبار وضوح الدلالة، دلالة الظاهر (٤). والثاني من المعاني: وهو التفرفة بين البيع والربا فقد سيق النص للدلالة عليه، وذلك لأن الكفار قالوا ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فسووا بينهما، فأراد الشارع أن يرد عليهم بحكم التفرفة بينهما، وهذا ما يسمى عند الحنفية بدلالة النص (٥).


(١) سيأتي في مبحث الإجمال.
(٢) يقول السرخسي في أصوله (١/ ١٦٤): «أما النص: فما يزداد وضوحاً، بقرينة تقترن باللفظ من المتكلم، ليس في اللفظ ما يوجب ذلك ظاهراً بدون تلك القرينة».
(٣) انظر: أصول السرخسي (١/ ٢٣٦).
(٤) انظر: علم أصول الفقه لخلاف (١٥٨)، دراسات أصولية للحفناوي (٢٢٦).
(٥) انظر: أصول السرخسي (١/ ٢٤١)، أصول الشاشي (٦١).

<<  <   >  >>