للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يريد أن الشارع وإن بيَّن الإجمال في لفظ «الربا» إلا أن البيان ليس وافياً؛ لأنه لم يحصر الربا فيما بيَّنه، فجاز الاجتهاد ولبيان ما يكون فيه الربا قياساً على ما ورد في بيان السنة (١).

وقال ابن العربي: «قال علماؤنا: الربا في اللغة هو الزيادة، ولا بد في الزيادة من مزيد عليه تظهر الزيادة به، فلأجل ذلك اختلفوا هل هي عامة في تحريم كل ربا، أو مجملة لا بيان لها إلا من غيرها؟ … فحرم الله تعالى الربا، وهو الزيادة، ولكن لما كان كما قلنا لا تظهر الزيادة إلا على مزيد عليه، ومتى قابل الشيء غير جنسه في المعاملة لم تظهر الزيادة، وإذا قابل جنسه لم تظهر الزيادة أيضاً إلا بإظهار الشرع؛ ولأجل هذا صارت الآية مشكلة على الأكثر، معلومة لمن أيَّده الله تعالى بالنور الأظهر … الخ» (٢).

وبعض الأصوليين قرر الإجمال بسبب التردد بين مسمييه اللغوي والشرعي في لفظ «البيع».

وبيان ذلك: أن البياعات في الشرع منها حلال، كالعقود المستجمعة لشروط الصحة، ومنها حرام كبيوع الغرر (٣)، وبيع تلقي الركبان، وبيع الحاضر للبادي (٤) … الخ، فتردده بين هذه البياعات الجائزة والمحرمة جعلها مجملة، ثم ورد البيان من الشرع بالمحرم منها من الجائز (٥).


(١) انظر: أصول السرخسي (١/ ١٦٨ - ١٦٩)، أصول البزدوي مع شرحه كشف الأسرار (١/ ٨٦).
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٤١).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ورد عنه قوله: «لا تلقوا الركبان، ولا يبع حاضر لباد»، أخرجه البخاري برقم (٢١٥٨)، ومسلم، برقم (١٥٢١).
(٥) انظر: شرح مختصر الروضة (٢/ ٦٦١).

<<  <   >  >>