للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة الثانية: مشروعية الصلاة خلف مقام إبراهيم، المستنبط من قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾.

وقد اختلف المفسرون في المراد بمقام إبراهيم، والأكثر أنّه: الموضع المخصوص للصلاة، والمعهود، ويؤيده سبب نزول الآية، حين طلب عمر بن الخطاب من النبي أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت الآية (١)، وبيّن المراد منها: النبي بفعله حين قرأ بالآية ثم صلى خلف المقام المعهود ركعتي الطواف (٢).

ومأخذ الحكم: ورود الطلب بصيغة الأمر الدّالة على الوجوب، في قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ والقول بالوجوب هو مذهب طائفة من أهل العلم، كما أن القراءة الأخرى وهي قوله: ﴿وَاتَّخِذُوا﴾ - بفتح الخاء - هي خبرٌ بمعنى الأمر، وتأخذ حكمه.

وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الصّلاة خلف مقام إبراهيم سنة، وصرفوا الأمر من الوجوب إلى الندب بصارف خارجي، وهو السنة الدّالة على أن الواجب على العبد من الصلوات هو الصلوات الخمس لا غير، وما عداها فهو سنة.

ومن تلك الأحاديث قوله لمعاذ «فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة» (٣) وقوله : «إلّا أن تتطوع» (٤) إجابة لمن سأله هل


(١) انظر: تفسير الطبري (٢/ ٣٠)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٢٢٦)، وتفسير ابن كثير (١/ ٤١٤).
(٢) أخرجه البخاري كتاب التفسير، باب قوله ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ برقم (٤٢١٣).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا، برقم (١٤٩٦). ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم (٢٩).
(٤) متفق عليه وسبق تخريجه.

<<  <   >  >>