للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَعْل السعي من شعائر الله قرينة تدل على أنه لا يراد بذلك الإباحة، وإنّما يراد به النّدب والسنية.

قال شيخ الإسلام: «ورفع الجناح وإن كان لإزالة الشبهة التي عرضت لهم في الطواف بهما -كما سيأتي إن شاء الله- فإن هذه الصيغة تقتضي إباحة الطواف بهما، وكونهما من شعائر الله يقتضي استحباب ذلك (١).

* الوقفة الثالثة: إنّ بداية السعي تكون بالصفا، والبدء بالصفا واجب.

ومأخذ الحكم: كون الله بدأ به فيقدم، وقوله : «نبدأ بما بدأ الله به» (٢)، مع ضميمة قوله: «خذوا عني مناسككم» (٣).

قال ابن الفرس: «ليس فيها ما يستدل به على أن البداءة من الصفا والمروة، ولا عكسه، سوى التقديم اللفظي، ولم يعتبره أكثر الفقهاء في مسألة الوصية، ولم يروا للتقديم اللفظي حكمًا، ولكنهم قد راعوه في هذه الآية فرأوا البداية بالصفا، وقد جاء عن النبي أنه قال حين خرج من المسجد، وهو يريد الطواف «نبدأ بما بدأ الله به» فبدأ بالصفا فهذا يدل على اعتبار التقديم اللفظي ما لم يعارضه معنى آخر يقتضي التقديم، وهذا كله على المشهور من أن الواو لا تقتضي ترتيبًا» (٤).


(١) شرح العمدة (٣/ ٦٢٥).
(٢) أخرجه أبوداود في كتاب الحج، باب صفة حجة النبي ، والنسائي في كتاب الحج، باب القول بعد ركعتي الطواف (٢٩٦١)، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء أنه بدأ في الصفا قبل المروة، برقم (٨٦٢) وقال: " هذا حديث حسن صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم ". قلت: وفي مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي ، برقم (١٢١٨) بلفظ «أبدأ بما بدأ الله».
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً، برقم (١٢٩٧).
(٤) أحكام القرآن (١/ ١٢٥).

<<  <   >  >>