للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للاستئناف، أي إن الخطاب كان لإبراهيم في قوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦)[الحج: ٢٦]، ثمَّ خاطب المولى النبي بقوله: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾، أو أن المخاطب بذلك إبراهيم ، وشرعه شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه، وليس في شرعنا ما يخالفه.

قال القرطبي: «لما فرغ إبراهيم من بناء البيت، وقيل له: ﴿أذن في الناس بالحج﴾ … وقيل: إنّ الخطاب لإبراهيم تمّ عند قوله ﴿السُّجُودِ﴾ ثم خاطب الله ﷿ محمّدًا فقال: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾؛ أي: أعلمهم أن عليهم الحج. وقول ثالث: إنّ الخطاب من قوله: ﴿أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ [الحج: ٢٦] مخاطبة للنبي . وهذا قول أهل النظر؛ لأنّ القرآن أنزل على النبي ، فكل ما فيه من المخاطبة فهي له إلّا أن يدل دليل قاطع على غير ذلك، وهاهنا دليل آخر يدل على أن المخاطبة للنبي وهو: ﴿أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي﴾ بالتاء، وهذا مخاطبة لمشاهد، وإبراهيم غائب» (١).

* الوقفة الثانية: استدل بعض العلماء بالآية على سقوط فرض الحج بالبحر.

ومأخذ الحكم: عدم ذكره في الآية.

قال القرطبي: «قال مالك في الموازية: لا أسمع للبحر ذكرا، وهذا تأنس، لا أنه يلزم من سقوط ذكره سقوط الفرض فيه؛ وذلك أن مكة ليست في ضفة بحر فيأتيها الناس في السّفن، ولا بد لمن ركب البحر أن يصير في إتيان مكة إما راجلا وإما على ضامر، فإنما ذكرت حالتا الوصول» (٢) - يعني إلى مكّة -.


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٣٨).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٤٠).

<<  <   >  >>